لمواجهة الانتحار.. حملة إيزيدية تدعو لحماية النساء من القهر الاجتماعي

لمواجهة الانتحار.. حملة إيزيدية تدعو لحماية النساء من القهر الاجتماعي
وقفة لنساء إيزيديات - أرشيف

أطلقت حركة حرية المرأة الإيزيدية (TAJÊ)، بالتعاون مع اتحاد المرأة الشابة الإيزيدية وبدعم من الإدارة الذاتية في شنكال، حملة توعوية شاملة تحت شعار "لا تقتل نفسك، كل انتحار إبادة"، في مبادرة تهدف إلى الحد من تزايد حالات الانتحار التي تضرب المجتمع الإيزيدي، خاصة بين النساء والشباب في الآونة الأخيرة. 

وجاءت هذه الحملة صرخة جماعية لمواجهة واقع نفسي واجتماعي مأزوم، ومحاولة لإعادة الأمل إلى النفوس التي أثقلها القهر والعنف والتهميش، بحسب ما ذكرت وكالة "JINHA"، اليوم الاثنين.

وأوضحت عضوة حركة حرية المرأة الإيزيدية، ولات جانو، أن الحملة جاءت استجابةً لتصاعد حالات الانتحار داخل المجتمع الإيزيدي، ولا سيما النساء، مشيرةً إلى أن الهدف هو تعزيز الوعي الأسري والمجتمعي، والبحث عن حلول واقعية للحد من الظاهرة.

وبيّنت جانو أن تزويج الأطفال في سن مبكرة يُعد من الأسباب الرئيسية وراء تفشي الانتحار بين الفتيات والشبان، إذ "يجبر الأطفال على الزواج في عمر 12 أو 13 عاماً قبل أن يدركوا معنى الحياة"، مؤكدةً أن غياب الحوار الأسري والتربية الواعية يدفعهم إلى قرارات مأساوية تنتهي في كثير من الأحيان بالانتحار أو الانهيار النفسي.

وأضافت أن العقلية السائدة داخل الدولة تمثل معوقاً حقيقياً أمام تطور النساء، معتبرةً أنها "شكل من أشكال الحرب النفسية ضد المرأة"، مشيرةً إلى أن ما شهدته النساء الإيزيديات خلال الإبادة عام 2014 من مآسٍ لا تزال آثارها ممتدة حتى اليوم، وأن السياسات القمعية التي مورست ضد النساء بعد الإبادة عمّقت جراحهن النفسية والاجتماعية.

قمع يقود إلى الانتحار

أكدت ولات جانو أن الدولة تمارس قمعاً ممنهجاً ضد النساء من خلال القيود الاجتماعية والقانونية المفروضة عليهن، مشددةً على أن المرأة الإيزيدية "تُمنع من العمل أو القيادة أو حتى من التعبير عن نفسها"، وهو ما وصفته بأنه "امتداد للإبادة ولكن بأدوات جديدة".

وأضافت أن النساء يرغبن في تحقيق الاستقلال الذاتي وصناعة مستقبل حرّ، لكنّ "القمع المستمر يمنعهن من ذلك"، معتبرةً أن الانتحار أصبح نتيجة مباشرة لـ"هذه الحرب النفسية"، التي تُغلق أمام النساء والشباب أي أفق للحياة الكريمة.

ودعت جانو إلى تكاتف أبناء المجتمع الإيزيدي في مواجهة الظاهرة، مؤكدةً أن "من الضروري أن تتعلم الشابات كيف يحمين أنفسهن من الانهيار النفسي والضغوط الاجتماعية"، مضيفة: "كما نمسك أيدي بعضنا في الأعراس ونرقص، يجب أن نمسكها اليوم لنحمي بعضنا من الانتحار، ولندافع عن الحياة".

وأشارت إلى أن الحملة ليست مجرد شعار بل دعوة إلى استعادة القوة الداخلية ومواجهة العقلية التي تدفع إلى اليأس، مؤكدةً أن "الانتحار ليس نهاية فرد، بل هو شكل آخر من الإبادة الجماعية التي تستهدف المجتمع بأسره".

عقلية تعمّق المأساة

اتهمت جانو العقلية الحكومية بزرع الإحباط واليأس في صفوف الشباب، معتبرةً أن السياسات الفاشلة في توفير فرص العمل والدعم النفسي والاجتماعي تسهم في ارتفاع معدلات الانتحار. 

ودعت النساء والشباب إلى الانضمام إلى قوى الحماية المحلية مثل "الأسايش" و"وحدات مقاومة شنكال" و"وحدات المرأة في شنكال"، مشيرةً إلى أن "هذه المؤسسات تمثل مساحة للحماية والمشاركة الفاعلة في المجتمع، وتمنح الأفراد شعوراً بالقوة والانتماء".

وأكدت على ضرورة معالجة الجروح النفسية العميقة التي خلفتها الإبادة الإيزيدية عام 2014، وعدم السماح للعقلية الحاكمة بطمسها أو تهميشها، مشيرةً إلى أن التحدي اليوم هو "تحويل الألم إلى وعي جماعي يواجه الانتحار ويعيد الحياة لمن فقدوا الأمل".

نداء للحياة بدل الفناء

اختتمت ولات جانو حديثها بنداء مؤثر قالت فيه: "العدو لا يتوقف عن محاولاته لسحقنا نفسياً، خاصة الشابات، ويمنعهن من بناء حياة كريمة، لذلك يجب علينا أن نتكاتف، ونتحد، ونقف في وجه الانتحار، ونبني مستقبلاً يليق بنا بعيداً عن الإبادة والقهر".

وأضافت أن حملة "لا تقتل نفسك، كل انتحار إبادة" ليست مجرد مبادرة توعوية، بل معركة من أجل الوعي والبقاء، تهدف إلى حماية الذات والأرض والذاكرة من الفناء، وإلى ترسيخ ثقافة الحياة والكرامة داخل المجتمع الإيزيدي الذي ما زال يواجه آثار المأساة التاريخية التي عاشها.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية